الثلاثاء، 16 فبراير 2016

تلخيص فصل الاخراج من كتاب فن العرض المسرحي للكاتب راغب نبيل



تلخيص فصل الاخراج من كتاب فن العرض المسرحي للكاتب راغب نبيل


الهدف من كل عرض مسرحي هو تحويل النص المسرحي إلى منظومة متناغمة من المؤثرات المرئية والصوتية التي تحتوي المشاهد وتثير تأملاته وانفعالاته في حين أن الحياة الدرامية لا تدب في عروق النص المسرحي إلا عندما يتجسد على منصة المسرح من خلال التصميم والموسيقى والرقص.

لكن الدور الحيوي والرائد للمخرج لم يتبلور إلا في أواخرالقرن التاسع عشر حينها أدرك العاملون في هذا المجال ضرورة الاعتماد على شخص يستطيع أن يمسك بيديه خيوط العرض المسرحي ومن هؤلاء المخرجين المنظرين على سبيل المثال جوردن كريغ , وجاك كوبو.

وأصبح فن الإخراج منذ ذالك الحين من أهم علوم المسرح بالإضافة إلى كونه موهبة ووعي ثقافي عميق واستيعاب لكل معطيات العصر لأنه ليس مجرد دراسة لتقنيات المسرح.

وتتمثل المهمة الأولى الملقاة على عاتق المخرج في وضع التصور أو الخطة التي سيقوم فريق العرض المسرحي بتنفيذها.

على المخرج أن يقوم بتفسير النص والتخطيط لكل العناصر الصوتية والمرئية التي ستشكل العرض في النهاية فهو يلعب دور الناقد والمشاهد ولا تقتصر وظيفة المخرج على الأمور الفنية المتعلقة بالعرض المسرحي فحسب بل تشمل أيضا شئونه الإدارية وواجبات القيادة الملقاة على عاتقه.

وعادة يكون المخرج هو الذي يختار النص المسرحي الذي يخرجه على المنصة والممثلين الذين سيقومون بأداء الأدوار ويحدد أبعاد التصور البصري للعرض ويفسر لكل ممثل حدود دوره على حدة ثم يجري تجارب التدريب للممثلين متجمعين معا بعد أن ينتهي كل منهم من دراسة دوره والتدريب عليه بمفرده وبعد ذالك يشرع في تحديد نوعية السرعة أو البطء في الحركة و الإلقاء والموسيقى والإرتفاع أو الإنخفاض في الصوتيات والإيقاع والإتزان والتطور والتصاعد حتى يصبح العرض في النهاية كلا متكاملا سواء على مستوى المعنى المراد توصيله أوالإحساس المراد إثارته أي أن المخرج مسؤل عن العملية المسرحية منذ أن يتسلم النص إلى أخر ليلة للعرض.

والمخرج قائد بمعنى الكلمة لأنه المسؤل عن كل عمليات الإنتاج والإخراج والمسؤلية النهائية هي مسئوليته.

ويجب على المخرج أن يكون حريصا على روح الأسرة خاصة في جلسات التدريب فإن من شأن هذه الروح ترسيخ العلاقات بين أعضاء الفريق وفي مقدمتها إحساسهم بالانتماء إلى العمل المسرحي الذي يجمعهم معا.

ولعل تفسير النص هو الخطوة الضرورية الأولى التي يجب على المخرج اتخادها وقد اصطلح المخرجون على أن تفسير النص يمر عادة بثلاث مراحل <الإنطباع,التعبير,النقد>

تنحصر مرحلة الإنطباع في فهم أبعاد النص من خلال الدراسة والتحليل ثم تعقبها مرحلة التعبير التي تركز على الوسائل السمعية والبصرية التي ستقوم بتوصيل هذا الفهم إلى الجمهور ثم مرحلة النقد التي يتم فيها تحليل وتقيم هذه الوسائل التعبيرية بهدف الوصول بها إلى مرحلة الإتقان الكامل بقدر الإمكان.

يبدأ المخرج بتحليل المسرحية من وجهة نظر البناء الدرامي والبناء الأدبي لها خاصة إذا كان المؤلف يركز على الدلالة الأدبية و الفكرية لمسرحيته  مما قد يجعل التحول في السياق ذات اهمية خاصة من المنظورالأدبي ولا شك أن سعادة المخرج تزداد إدا كان النص المسرحي زاخرا بالذروات الثانوية المتافعلة أو المترتبة على الذورة الدرامية الأساسية وبالأفعال المادية الملموسة التي تضيف كثيرا من المعاني والدلالات إلى الحوار.

والمخرج يستنبط وجهة نظر المؤلف من ثنايا الحبكة ولا يكتفي بما قد يعلنه على لسان إحدى الشخصيات فلا شك أن معالجة المؤلف للحبكة تتنوع وتختلف ليس فقط من مؤلف لأخر بل من مسرحية لأخرى لنفس المؤلف وعلى أي حال فإن المخرج الحريص على تقاليد فنه ومهنته يحرص على دراسة وجهة نظر المؤلف تجاه كل حلقة من حلقات حبكته المسرحية وذالك بحكم أن هذه الوجهة الفكرية والإنسانية مرتبطة إرتباطا بالهدف الدرامي والفني الذي تسعى المسرحية المنشورة إلى بلورته وبالتالي يسعى العرض المسرحي إلى تحقيقه على المنصة.

المخرج مطالب أيضا بدراسة إمكانات الممثلين الذين يؤدون هذه الشخصيات حثى يستخرجن كل الإضافات الممكنة بعيدا عن الشطحات التي تترتب عن نرجسيتهم وحبهم للظهور ورغبتهم في سرقة الكاميرا من زملائهم.

والمخرج يضع في اعتباره دائما أن هناك مؤلفين مسرحيين يمليون إلى البساطة والسلاسة والتدفق في التعبير اللغوي.

وإذا كان المخرج ناقدا  بحكم طبيعة مهنته فإن مهمته النقدية لا تتوقف عند حدود نقد النص وتحليله كما يفعل الناقد بل تمتد مهمته الإبداعية إلى دراسة واستيعاب كل ما يتصل بالنص ومؤلفه من قريب أو بعيد.

ولا شك أن المؤلفين الذي يحرصون على كتابة مقدمات لمسرحياتهم مثل برناردشو يساعدون المخرج على تبين حقيقة توجهاتهم الفلسفية والإنسانية والإجتماعية والحضارية والثقافية بالإضافة إلى أساليبهم المسرحية والفنية ومن مسؤلية المخرج كذالك نجد التصميم بالرغم من أنه ليس تخصصه الحرفي فإذا كان  المصمم يقدم التصميمات الأولية لكل العناصر المرئية باستثناء الممثلين فإن المخرج يقدم أيضا تصوراته لهذه العناصر بكل مدلولاتها البصرية المرتبطة بالكلمة والحركة ويبدي رأيه بل ويقوم هذه التصميمات الأولية حتى نتفاعل مع منظوره العام للعرض المسرحي.

 هذا عن المخرج كباحث ودارس ومحلل للنص أما دوره كمبدع خلاق فهو الدور الذي يراه الجمهور مرأى العين لأنه المسئول الأول والأخيرعن الإنتاج الدرامي ككل.

وينهض إبداع المخرج على وسائل سمعية بصرية يوظفها من أجل إثارة أحاسيس معينة وشبه محسوسة في جمهوره معتمدا في ذالك تفسيره للنص المسرحي وكلما كان متمكنا من توظيف هذه الوسائل في كل متناغم  إستطاع أن يحدث في جمهوره الإستجابات التي يريدها.

ويسعى معظم المخرجين المتمكنين والخبراء إلى مزج حسهم الفني بالإجراءات العملية للإخراج خاصة في مرحلتي الإعداد والتدريب بحيث يشعر الممثلون بالمنهج المتسق والرؤية المتبلورة للعرض المسرحي ككل.

إن الهدف النهائي للمخرج يكمن في عملية التوصيل الكامل والتام للعرض المسرحي إلى الجمهور ومعيار نجاح المخرج رهن بتحقيق هذا الهدف.

المخرج الخبيرالمتمكن يضع في اعتباره الميزانية المحددة  لتمويل العرض المسرحي والتي يجب أن تتناسب مع نوعية النص المزمع عرضه ومن هذا تتضح لنا أبعاد المهام والواجبات المعقدة الملقاة على عاتق المخرج فهو دارس ومفسر للنص ومدير لجلسات القراءة والتدريب وقائد لفريق العمل سواء على المستوى الفني أو الإداري وملهم لزملائه كي يستخرج أفضل ما فيهم ومفكر استراتيجي يضع في في ذهنه توظيف كل المؤثرات البصرية والسمعية لتوصيل النص إلى الجمهور على أجمل صورة مؤثرة ويحرص المخرج على أن تكون المناظر بمثابة تكوين جميل معبر ذالك أن عناصر التكوين بما فيها من بشر أو جماد لابد أن تشكل في النهاية وحدة عضوية وجمالية أمام المشاهدين.

وفي مجال إبداع الصورة المسرحية التي تحتوي على قوى الدفع والحركة المتفاعلة داخل المشهد يعتمد المخرج على خبرته بالسلوك الإنساني.

لمنصة المسرح أحكاما لايمكن تجاهلها في أي تكوين مسرحي ومهما كان التكوين جميلا ومتكاملا في حد ذاته فإنه يمكن أن يفشل في توصيل المعنى أو يتسبب في تشتيت ذهن الجمهور وبصره إذا لم يستطع المخرج أن يوائم بين عناصره وبين خصائص المنصة التي يجري عليها العرض والمسرح يحتوي على نوعان من التوازن فهناك توازن مادي وتوازن نفسي حيث يحتوي التوازن المادي على تعادل في توزيع كتل التكوين على المسرح أما التوازن النفسي فهو تعادل بين قوى متضادة ومتصارعة

فإذا كان المؤلف هو كاتب النص فالمخرج هو مبدع العرض


وبصفة عامة فإنه إذا كان الإخراج المسرحي لغة لها مفراداتها ومصطلحاتها ودلالاتها وإيحائتها فهي لغة موازية للغة النص المسرحي لكنها لاتظل على هذا  التوازي متى بدأت عملية الإخراج إذ يتحول التوازي إلى اتحاد وتفاعل ونظرا لأن الممثل هو أداة المخرج الرئيسية وأحيانا الوحيدة في صياغة الحركة المسرحية       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق